الصحة السمعية

لا أسمع جيدا … فما الحل إذن؟

(بقلم الدكتورة ميراي تاردي - أخصائية الأذن والأنف والحنجرة)

عمليا… ماذا عليّ أن أفعل؟

يشمل مسار الرعاية الصحية للمريض المصاب بالصمم عدة مراحل منسقة متمثلة في (الفحص، التشخيص وإعادة التأهيل والدعم) و التي يجب احترامها والبدء فورًا في إتباعها الواحدة تلو الأخرى، دون إنتظار.

1 – الفحص, التوجيه

دون تأخير أو انتظار تبدأ أولى الخطوات بزيارة طبيب عام، أو الطبيب المعالج لدى المريض،

و تعتبر هذه الخطوة أساس نظام الرعاية الصحية للمرضى فوق سن 16، ضمانا للتأمين الصحي.

الخضوع إلى مجموعة إستفسارات صحية

و تخص حالة ضعف السمع:

  • تاريخ وظروف ظهورها،
  • الاضطرابات المصاحبة لها،
  • الشعوربطنين الأذن من حين لآخر
  • عدم تحمل بعض الضوضاء خاصة عند احتداد السمع.
  • وجود أعراض أخرى مرتبطة (الدوخة أو غيرها) .

الخضوع للإختبار

  • فحص الأذنين عن طريق التنظير
  • فحص طبي عام وأخذ ضغط الدم، وما إلى ذلك .
  • قياس السمع (عن طريق ترديد كلمات مكررة بالقرب من أذن المصاب بصوت هامس خافت، أو عن طريق الشوكة الرنانة، أو باستخدام أي مقياس سمعي آخر).

الاستنتاج – الإجراء الواجب اتخاذه – المتابعة

– إذا كشف تنظير الأذن عن وجود إنسداد في قناة الأذن، يمكن للطبيب العام إزالتها بوسائل مختلفة أثناء الاستشارة، إذا كشف تنظير الأذن عن عيوب في الأذن الخارجية أو الأذن الوسطى (طبلة الأذن)، فإنه يصف العلاج إذا لزم الأمر والمتابعة المستمرة لتطور حالة المريض لاحقًا.

أما خلاف ذلك، يتم توجيه المصاب على الفور إلى الأنف والأذن والحنجرة لتقييم السمع.

عند إنتهاء تقييم أخصائي الأنف والأذن والحنجرة، سيظل الطبيب العام على اطلاع ويمكنه تقديم المساعدة أثناء متابعة الحالة عن طريق:

  • طبيا: البحث عن مسببات هذا الصمم، مراقبة نقص السمع لدى المصاب، اكتشاف التفاقم في حال ظهوره، حدوث طنين أو فرط السمع … وهذا ما يحتم مراجعة أخصائي الأنف، الأذن والحنجرة من أجل الحصول على النصائح الوقائية للمصاب و لمن هم حوله.
  • الرعاية شبه الطبية: سيتم التحقيق حول أهمية تأثير هذا الصمم على حياة المصاب الحالية، ويوصى أحيانًا بمقابلة طبيب نفساني (معالج الثقة : السفسروولوجى) و الذي يهتم بتنسيق الفحوصات وإعادة التأهيل، كما سيضمن إستمرارية الرعاية بشكل صحيح و متناسق.
  •  اجتماعيًا وإداريًا: تقديم النصيحة إذا لزم الأمر لتنظيم الأنشطة الترفيهية (ضد المؤشرات والإضطرابات المحتملة) وتكييفها مع البيئة المعيشية. كما سيتم التأكد من خلال الزيارات المنتظمة اللاحقة، من توازن السمع و مدى رضى المصاب، الإهتمام بالصحة العامة الجيدة للمريض قصد تعزيز و الحفاظ على “السمع الجيد”.

2 – التشخيص

audiométrie casque test

يتم توجيه المصاب إلى أخصائي الأنف والأذن والحنجرة من أجل فحص الأنف والأذن والحنجرة و قياس السمع.

كما يقوم باستجوابه مرة أخرى حول الأعراض التي يعاني منها، بإجراء فحص كامل للأنف والأذن والحنجرة.

بعد ذلك، يقوم بإجراء فحص قياس السمع والذي يتضمن بحد ذاته عدة اختبارات:

– أولاً قِياس سمع النّغْمة(audiogramme tonal): بحيث يتم في حجرة عازلة للصوت وتوضع سماعات على أذني المصاب، يطلب منه الإحساس بالضوضاء التي يرسلها إلي الإذنين على التوالي، تمكنه من الحصول على رسم تخطيطي و منحنى عتبات السمع الخاصة بكل أذن، هذا يسمح بالتعرف على عتبات السمع و منه العجز المسجل .

– يقوم أيضًا بقياس سمع الكلام (audiogramme vocal) ، حيث يطلب من المريض تكرار بعض الكلمات التي ينطقها عادةً بعيداً عن مجال رؤيته، (إلا أنه يقدّر المساعدة التي يوفرها له قراءة الشفاه)، ويسجل على الرسم البياني النسبة المئوية للكلمات التي تعرف عليها المريض حسب شدة النطق. يستنتج من ذلك النسبة المئوية للفهم، ووجود أو عدم وجود تشوه في التعرف على الكلمات.

– يمكنه أيضًا إجراء فحص “متري للمقاومة” (فحص أداء الطبلة العظمية) والذي يتضمن مخطط الطبلة والبحث عن عتبة (أو عتبات) السمع. و في كثير من الأحيان يجب إجراء هذه الفحوصات على مرحلتين و مع ضرورة إعادتها مرة أخرى.

نتائج هذه الفحوصات = التشخيص

في معظم الحالات يمكن تشخيص الصمم وأهميته (أو درجته) ومقره ونوعه أو حتى السبب بعد هذه المرحلة،

في حالات أخرى، سيطلب من المصاب القيام بفحوصات أخرى ستساعده في توضيح الأموربصفة أكثر دقة:

– قدرة الإثارة السمعية المبكرة التي تمكن الأخصائي أحيانًا من إجراءها بنفسه أو إحالة الحالة إلى طبيب أكثر تخصصا و هو ما يعرف بطبيب قياس السمع.

– إجراء إختبار الماسح ضوئي أو الرنين المغناطيسي .

– في حالات أخرى، يمكن إقتراح خضوع المريض لفحوصات مختلفة تسمح له بمعرفة ما إذا كان الصمم الذي يعاني منه معزولًا أو إذا كان مرتبطًا بأمراض أخرى، و هذا من شأنه أن يسمح له بالتعرف عليه على أنه صمم “متلازم”، كما يمكن للتقييم الجيني بعد ذلك إكمال التشخيص و الاستنتاج.

ماذا بعد التشخيص ؟

في ضوء النتائج المتحصل عليها، سيشرح طبيب الأنف والأذن والحنجرة ما يمكن تقديمه للمصاب كعلاج لحالته:

– في حالة ضعف السمع بشكل عام: سيتم تقديم العلاج الدوائي حسب الحالة، إذا لزم الأمر فسيقوم بإجراء عملية جراحية، و غالبًا ما يشار إلى إعادة التأهيل في هذه الحالة،

– في حالة الصمم الحسي العصبي: إعادة التأهيل السمعي بشكل عام هي الخيارات الوحيدة المشار إليها بحيث يتم توجيه المصاب أولاً وقبل كل شيء إلى أخصائي تقويم السمع و/ أو معالج النطق، و يمكنه وصف الجهاز و جلسات علاج النطق بذلك.

المتابعة: إجراء ضروري و مرحلة حساسة

بطريقة منتظمة يجب على المصاب متابعة حالته حتى يتمكن من التأكد من تراجع الصمم الذي كان يعاني منه، على العكس من ذلك قد يزداد سوءًا على مر السنين، في هذه الحالة يمكن للطبيب المعالج أن يصف علاجًا و توجيه المريض بمقابلة أخصائي تقويم السمع بشكل عاجل لتعديل أجهزة السمع أو تغييرها إذا لزم الأمر.

إذا لم يكن الصمم في مرحلة متقدمة، و كان المصاب شخصًا بالغًا، فإن عملية فحص مرة واحدة في السنة تكفي. أما إن كان في مرحلة الطفولة، يجب أن تكون الفحوصات أكثر متابعة و تواترا حسب العمر، من خلال جدول المتابعة الذي يحدد برنامج و تواريخ الفحوصات.

3 – جهاز السمع: و جلسات أخصائي تقويم السمع

medecin appareil auditif

 من هو أخصائي تقويم السمع؟

هو ممارس متخصص في الصحة، يعمل على تصحيح و تقويم السمع، ويضطلع بالتحكم الفوري والدائم في السماعة، ويضمن تقديم شروحات عن إجراءات التعويض بالمعينات السمعية للمصابين، كما يعمل أخصائي الصحة على تقويم السمع ضمن فريق متعدد التخصصات، إجراء حوار مع الأطباء، المعلمين، المربين، الآباء، البالغين والأطفال الذين يعانون من إعاقات سمعية.

مع الحرص على تعليم المريض كل شيء عن المعينات السمعية، وكيفية إجراء تعديلات على الأجهزة بالإضافة إلى بعض الإصلاحات، مع إختلاف الماركات لكنها تبقى متشابهة في المبدأ العام، مع ضرورة الإستفسار دوما قبل إقتناء المعينات السمعية عن الأسعار المتبعة فقد تمت الإشارة في بعض الأحيان إلى وجود تباينات معتبرة.

من ناحية أخرى، لن يتمكن المصاب من إقتناء الأطراف الاصطناعية إلا في حالة تقديم وصفة طبية لهذا الجهاز محررة من قبل طبيب الأنف والأذن والحنجرة أو ممارس عام أو طبيب أطفال، بالإضافة إلى مخطط سمعي يقوم به الطبيب.

كما يمكن للمصاب مقابلة العديد من أخصائيي تقويم السمع للحصول على التوجيه و الإرشاد من خلال الاستماع إلى الصعوبات التي يعانيها المصاب. حيث تتمحور الأسئلة عموما حول عادات المصاب الحياتية، مهنته، وهذا ما يسهل على الأخصائيين من تحديد الجهاز الذي يعتقد أنه الأنسب لحالة المريض.

كيف تسير عملية التركيب؟

prothese auditive main oreille

ما إن يقدم المصاب إلى أخصائي المعينات وصفة طبية و مخططا سمعيا حتى تنطلق عملية تركيب الطرف الصناعي .

يتطلب ذلك عدة زيارات ضرورية من اللحظة التي قرر فيها المصاب الحصول على وسيط سمعي، قبل أن يتم تركيبه بطريقة مرضية و فعالة.

  • الخطوة الآولى: الإستماع إلى المصاب، و التعرف على نمط حياته وعاداته الصحية، وبيئة الاستماع الخاصة به،  ثم يعيد فحص مخطط السمع لضمان تحقيق نتيجة فعالة: فحص قناة الأذن (بحثا عن إحتمال وجود مشكلة أخرى غير السدادة)، ثم يعرض للمصاب مختلف الأطراف الاصطناعية ومزاياها وعيوبها، واسعارها وإمكانية تمويلها، و مجال مقارنتها بين بقية المنتجات.
  •  الخطوة الثانية : و التي تلي عملية إختيار الوسيط السمعي و هي بداية مرحلة التركيب، ثم أخذ بصمة قناة السمعية (عن طريق حقن معجون في القناة برفق) و الذي سيسمح له ذلك بصنع قالب أذن مصنوع خصيصًا للتكيف مع حلقة الأذن، مما يؤدي إلى الحصول على الطرف الاصطناعي حسب المقاس الصحيح، و التكيف الدقيق مع مورفولوجية أذن المصاب، كل هذا حسب الجهاز الذي تم إختياره من طرف المصاب بناء على توجيه أخصائي الأطراف السمعية.

–  تتم الزيارة الموالية عندما يتم صنع المعين السمعي حسب الطلب بواسطة مختبر متخصص أرسل إليه القالب التجريبي، يتم بعد ذلك تجربة الأطراف الاصطناعية المختارة وفقًا لمخطط السمع، كما يتم إجراء اختبارات السمع أمام الضوضاء والحديث وما إلى ذلك، ليتم إختيار ما يرضي أكثر لظروف الاستماع الخاصة بالمريض، ثم يفحص المعين عن طريق إعادة المخطط سمعي مع الجهاز. و في ظل ظروف الضوضاء المختلفة، وبالتالي تحديد الجهاز وإعداداته التي تناسب المريض بشكل أفضل.

  • تقديم كافة الشروحات عن كيفية ارتدائه، متى وكم من الوقت (في البداية)، وطريقة الحفاظ عليه وصيانته، ثم تسوية ملف التعويض الإجتماعي لمساعدة المريض في التمويل.
  • تظل الزيارات الأخرى ضرورية، بعد 8 أيام، ومرات أخرى بعد شهر واحد، للتأكد من أن كل شيء يسير على ما يرام أو القيام بتعديلات أخرى، ما يجعل ذلك ضروريًا في بعض الأحيان للعثور على الحل الأنسب عمليا لجميع مناسبات الحياة اليومية للمريض، مع تقديم شرح مفصل كل مرة عن طرق الاستخدام والصيانة.
  •  يتم تحديد موعد آخر لإقتناء البطارية، و كل 6 أشهر لضمان صيانة المعين السمعي بشكل صحيح.
  • أما في حالة تفاقم الصمم لدى المصاب، فلابد من رؤية الأخصائي مرة أخرى حتى يتمكن من ضبط المعين السمعي بطريقة أفضل، و في بعض الأحيان، يتعين على المختص أن يقوم بتركيب وسيط سمعي أكثر ملائمة من خلال توجيه المصاب مرة أخرى إلى طبيب الأنف والأذن والحنجرة وإجراء مخططا سمعيا، وصفة طبية تثبت تفاقم الحالة و التي تتطلب معدات جديدة.
  •  بمرور الوقت تظهر الوسائط السمعية أكثر فاعلية، تمكن الأخصائي من توجيه المصاب بإجراء تغيير محتمل، و في بعض الأحيان، لا يسمح للمريض بالصمم من الاستفادة من المعينات السمعية، و بالتالي يقوم أخصائي تقويم السمع بعد التشاور مع طبيب الأنف والأذن والحنجرة، ومعالج النطق والممارس العام بزراعة قوقعة الأذن.

4- تأهيل المريض بالتواصل مع “معالج النطق”

5- فريق زرع القوقعة

6-الأطباء المهنيين

يتمثل دور الطبيب المهني في ضمان صحة العمال من خلال السعي إلى الكشف عن أي تغيير بسبب العمل أو ما من شأنه أن يجعل من الصعب البقاء في الوظيفة،  كما يجب أن يتعرف على محطات العمل المختلفة و شروط الصحة والسلامة المتعلقة بها.

كما يجب عليه التأكد من التقليل من المخاطر المتعلقة بالعمل،. و يراقب الضوضاء في العمل مع إتخاذ كل التدابير للحد منها، كما يضمن التطبيق المناسب للتدابير الإلزامية عند الاقتضاء.

إذا كان العمل في بيئة صاخبة، وأحس العامل أن سمعه يتدهور،  فلا يجب إنتظار زيارة طبيب العمل، بل على المريض مراجعته على الفور.

بعد الفحص سيتم توجيه العامل المصاب إلى طبيب الأنف والأذن والحنجرة لتقييم قياس السمع، و بناءً على نتائج الفحوصات، فإن إدارة العمل قد تعلن عن مرض مهني بالتنسيق مع أخصائي الأنف والأذن والحنجرة، والطبيب المعالج، وكذلك مع رب العمل.

أما إذا كان المريض لا يعمل في بيئة صاخبة، فلا يزال بإمكانه رؤية طبيب العمل في حالة ما إذا كان يعتقد أن ضعف السمع لديه لا يتلاءم و عمله.

سيتطلب من العامل المصاب إجراء تقييم لقياس السمع وهذا بالتشاور مع أخصائي تقويم السمع، حيث سيوصي بتركيب معين صناعي، و/ أو تكييف مكان العمل.

– بغض النظر عن الأشخاص الذين قد يقابلهم المصاب خلال هذه الرحلة، فإنهم سيتشاركون معلوماتهم وملاحظاتهم قصد الدعم و الإرشاد المعنوي لأفضل وجه ممكن. و عليه وجب الإدرك أن كل مرحلة من هذه الدورة يجب أن تتم مباشرة بعد الأخرى، (توفير المعدات، علاج النطق، والمساعدة الإدارية …) كما سيكون لكل عنصر دور هام في مساعدة المصاب على التعايش بشكل أفضل، و التوجه نحو “مسار الرعاية المنسق” بسرعة وبشكل أفضل بداية إلى استجابة للطبيب العام  و الطبيب الأخصائي، المساعد النفسي ، مختص المعينات السمعية، و الذين يسمحون بحياة أفضل في بيئة المصاب و التي ستصبح متاحة بشكل أفضل للتعلم، للعمل، للثقافة، لممارسة مختلف الهوايات، و الحياة المدنية.

كمال العباسي

شغفي بالصحة السمعية غير متناهي، فكلما غصت فيه زادت رغبتي في اكتشاف المزيد و مشاركتكم اياه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى